عمرو دياب .. سيرة مزوّرة

من طرف nadal الإثنين أغسطس 17, 2009 4:49 pm

بتاريخ : الجمعة 14 اغسطس 2009 6:34:00 م
عدد القراء : 1353

كتبت ـ رشا عزب :

إذا أرادت فنانة العرب فيروز تقديم سيرتها الذاتية على شكل برنامج، ستجد عشرات من القنوات تجري وراءها لتسجيل تفاصيل سيرتها الذاتية الغنية، والتى ننتظرها جميعاً بشغف وحنين، لكنها لم تفعل ذلك حتى الآن، ربما لأنها تتعفف عن فعل ذلك، وإذا كان "التعفف" هو سبب امتناعها عن تنفيذ هذه الخطوة، فكان من "التبجح" أن يخرج علينا فنانون أمثال تامر حسني وهيفاء وهبي ورولا سعد للإعلان عن نيتهم في تقديم سيرتهم الذاتية على شكل برامج كما حدث مع عمرو دياب ومحمد منير..

هذا ما رصدته بعض الصحف الخاصة خلال الفترة الماضية بعد النجاح الذي حققته برامج مثل "الحلم" الذي يروي قصة حياة المطرب عمرو دياب، وكذلك برنامج "مشوار منير" الذي يروي مشوار محمد منير الفني. وساقت الجريدة الخبر على أنه من الأخبار العامة في الصفحة الفنية، بل وتناقلته المواقع الألكترونية المختلفة. والأكثر عبثية أن بعض القنوات سارعت فى التسابق على هذه البرامج! ولست أدري ما هي المادة التي سوف تقدمها هذه البرامج على وجه الخصوص، فهل ستقدم مشوار النجم تامر حسني وهو يتخرج من المدرسة الابتدائية حتى هروبه من التجنيد، وكذلك قصة المعاناة التي عاشها تامر داخل أسوار السجن وهو يأكل السيمون فيميه الذي كان يدخل له يومياً ساخناً. أم أنها ستقدم رحلة كفاح الفنانة هيفاء وهبي من أجل الحصول على جائزة "القوام الذهبي" عن رائعتها "بوس الواوا". بالفعل إنها موضوعات تستحق مسلسلاً من 30 حلقة ويذاع في رمضان يومياً بعد الإفطار مباشرة، حتى يجهزوا على المشاهدين الغلابة.

مما لا شك فيه أن ظاهرة برامج السيرة الذاتية للفنانين، كانت جديدة على الساحة في مصر والعالم العربي، وربما كانت آخر المحاولات التي قام بها فنان عربي لتوثيق مشوار حياته، ترتبط بعبد الحليم حافظ عندما سجل سيرته الذاتية بصوته فى الإذاعة المصرية، لكن المأساة الحقيقية هي تحول حياة الفنان إلى سلعة تجارية، فكم سيأتي من إعلان وما هي المحطة التي ستشتريها وتعرضها، وهل المقابل المادي للشراء مغر؟ كلها أسئلة يطرحها أصحاب هذه القنوات، هذا من الناحية التجارية. أما من الناحية الفنية، فأن المتابع لهذه البرامج سيجدها فقدت الحيادية، حيث يصورون الفنان وكأنه أسطورة، وهو ما يعني خطأ فادحاً، لأنه من المفترض أن تقوم مثل هذه البرامج بنقل الحقيقة كما هي في حياة هؤلاء النجوم.

فى برنامج "الحلم" مثلاً، الذى قدم السيرة الذاتية للفنان عمرو دياب، لوحظ أن البرنامج لم يقدم أي مادة حية عن النجم، بل لم يتجاوز كونه موضوعاً دعائياً مدفوع الأجر، فهذا المغني النابغة الذي كان يدرك موهبته الخلاقة منذ كان في المهد صبياً، كان يدرك منذ البداية أنه سيتحول إلى نجم الشباب الأول في مصر لأكثر من عقدين، ولذلك جمع معدو البرنامج كل الشخصيات التي أكدت على هذه المعلومات، واستبعدوا آخرين، ولذلك أثار البرنامج حفيظة بعض المقربين من عمرو دياب، والذين شهدوا على طفولته في مدينة بورسعيد، وأكدوا أن هذا البرنامج صنع للنجم تاريخاً جديداً غير الذي يعرفه الناس، وهذا هو الهدف الحقيقي من البرنامج.

وبالطبع استطاع عمرو دياب تشكيل برنامج "الحلم" على هواه الشخصي وليس طبقاً للوقائع التي حدثت بالفعل، وأن يستبعد من تاريخه من يريد، ويضيف من يريد، بحيث يظل هذا البرنامج هو المرجعية الوحيدة للسيرة الذاتية للفنان. وقد تسبب هذا البرنامج في رفع دعوتين قضائيتين على عمرو دياب، الأولى من الملحن محمد الشيخ، الذي أكد أنه لم يتوقع أن يسقطه عمرو دياب من حسابات مشواره الفني وهو الذي رافقه في رحلته على مدار سنوات طويلة، وأقام الشيخ هذه الدعوى حتى يسترد بها حقه المعنوي الذي تسبب فيه عمرو دياب.

والدعوى القضائية الثانية كانت من الموزع محسن جابر صاحب شركة "عالم الفن" بسبب استغلال بعض الأغاني التي كان محسن قد أنتجها لعمرو في فترة تعاقده مع الشركة، بل أن دياب قام بمسح هذه الفترة من برنامجه تماماً، وكأن هذه الفترة لم تمر في حياته نهائياًَ، فلم يذكرها البرنامج ولو على سبيل التنويه وإعادة الحق لأصحابه حتى إذا اختلف معهم. وهذا ما دعا محسن جابر إلى إقامة دعوى قضائية يطالب فيها عمرو دياب بتعويض مادي قدره عشرة ملايين جنيه.

من الواضح أن الفنانين يخشون من أن يكتب أحد بعدهم سيرتهم الذاتية، فلجأ البعض إلى كتابة سيرته بنفسه قبل أن يوضع في قاعة التشريح ويكون عرضة للنقد أو الإدانة.. لكننى أعتقد أنها محاولة فاشلة، فهذه البرامج ستتحول فيما بعد إلى دليل على كذبهم وعدم قدرتهم على مواجهة جماهيرهم.. وبهذا يقدم الفنانون وثيقة مهمة عن تاريخهم المصطنع.

* نقلا عن السياسي